سعيد البستاني المربي
سعيد البستاني -مؤسس الفروع الثانية في الجامعة اللبنانية,
ورجل المقاوم لتعريب التعليم

مؤسس الفروع الثانية في الجامعة اللبنانية
مشروع امل للبنانيين في المناطق المسيحية

كونها ضرورة قصوى على الصعيد الوطني اسست الفروع الثانية للاستجابة لحاجة ملحة . فالحرب التي عمت لبنان لفترة طويلة دفعت الى تاسيس كليات في كل الاختصاصت وبسبب خطورة التنقل الى الفروع الاولى وخطورة التى كان يواجهها الطلاب للوصول الى الجامعة في المناطق الغربية اضطر المسؤولين الى تاسيس هذه الفروع علما ان البرامج استمرت موحدة بين الجامعتين كما الامتحانات والشهادات وحتى الادارة العليا للجامعتين بقيت موحدة رغم ظروف الحرب
الفروع الثانية للجامعة اللبنانية هي مبادرة من الاستاذ سعيد البستاني الذي رأى وجوب خلق صرح للحرية والحوار وصرح لتدارس الامور في بلد اجتاحه الظلم والحرب وتدني مستوى التعليم المقدم لاجيال دون مستقبل
منذ انطلاقة الحرب الاهلية في لبنان لم يعد هناك تكافؤ بين مكونات الطائفية في لبنان . فالدولة لم تكن جاهزة ومجهزة للتقديم للمناطق المسيحية في الشرقية الحماية الكافية لسكانها ليعتبروا انفسهم مواطنين شرعيين في الوطن. الطائفة المسيحية اصبحت مهددة في وجودها , محاصرة اقتصاديا , صهمشة اجتماعيا ومحكومة بالتقوقع في مناطقها مما اضطر العديد من اعضاء هذه المجموعة الى الهجرة القسرية
في هذه الظروف اختار الاستاذ سعيد البستاني التأقلم مع الوضع بدل من التخلي عن المواجهة فوجه جهده نحو مشروع تثقيفي جامعي هدفه اعادة بناء الوطن عن طريق تنمية الفكر . فتثقيف سكان المناطق الشرقية من بيروت في هذه الظروف لم يمكن تخيلها مما وجب اتباع زاوية اخرى وتخيل موقع حربة وحوار ومشاركة المعتومات والافكار لمواجهة الحصار الفكري المفروض على المناطق الشرقية
لذا قرر سنة ١٩٧٠ تأسيس مجموعة دراسات وتشاور وذلك في بيته في عين الرمانة هدفها تاسيس وافتتاح فروع ثانية للجامعة اللبنانية في المنطقة الشرقية وتجهيز القاعات الاولى لهذه الفروع كان انجازا بحد ذاته . تبقى عليه ايجاد ابنية تحتوي على قاعات دراسة وقاعات محاضرات وتجهيزها بالتجهبزات الضرورية ما اعلن ولادة الجامعة الجديدة التي كان للاستاذ سعيد البستاني شرطين ضروريين لانطلاقتها وهما الحرية الفكرية للجميع والمستوى التعليمي الراقي الذي يضمن تقبلها من الجميع .
هكذا بدل المسار المستقبلي للبنان والحياة اليومية للطلاب
كان للبعض افكارا ، اما سعيد البستاني فكان رجل عمل وتنفيذ . فتظهرت ديناميكية باتخاذ قرارات واجراءات تنفيذية تم تطبيقها مباشرة فاحتاج الى مساعدة الشيخ بشير الجميل لاسترجاع الاختام الرسمية من وسط العاصمة المحترق لتختيم الاوراق الرسمية واعلان مرسوم الجامعة . متععاونا مع زملائه في الجامعة اللبنانية وفي الادارات الرسمية لاعطاء آمال للشبيبة وسكان المناطق المعزولة ، كما انه جيش الرهبانيات المارونية في الكسليك والانطونية واللآباء اليسوعيين وجميعهم عندهم خبرة كبرى في التعليم فامن المواقع للكليات وامن الطاقم التعليمي من اساتذة ومحاضرين .
منذ انطلاقة الفروع الثانيت في الجامعة اللبنانية عملت المراجع السياسية المسيطرة منذ قبل الحرب الاهلية على اعادة توحيد الفروع فتمكنوا سنة ١٩٩٦ من اعادة توحيد فرع الطب والصيدلة وفرع الزراعة 

محاربة تعريب النظام التعليمي في لبنان


سعيد البستاني وهو الاستاذ الفذ للغة العربية , لم يكن مناصرا لتعريب التعليم حتى ولو كان سليل عائلة البستاني التي حمت وطورت عبر العصور الثقافة العربية وآدابها . غير ان الفشل الذريع للتجربة الجزائرية في تعريب التعليم كان بالنسبة اليه التجربة التي لا تتكرر . وبسبب نقص اساتذة اللغة العربية وآدابها اضطرت الدولة الى استخدام نحو الف معلم مصري كانوا فعليا اساتذة دين وليس اساتذة ادب . اما بالنسبة للدولة المصرية كانت هذه قرصة سانحة للتخلص من رجال الدين هؤلاء المزعجين بسبب انتمائهم الى الاخوان المسلمين وهكذا فتعريب التعليم المبتكر من قبل الرئيس بن بلا تحول الى آفة فاللغة العربية المصرية المقدمة من قبل اساتذة الدين اظهرت مساوءها فقد بذر الاخوان المسلمين بذور التعصب الديني عند الالاف من الشبان الجزائريين. ومن ثم أسست الكلية الاسلامية في جامعة الجزائر فتحولت شهادة الليسانس في اللغة العربية الى شهادة بلغة واحدة على النمط الشرقي .

اما في لبنان كانت المحاولة تخفي خلف ظاهر التثقيفي والوطني , خلفية دينية سياسية اكيدة ففي الحقيقة لم يكن التعريب هو المهم بل بقصد او بغير قصد اسلمة التعليم هو الهدف .
فسعيد البستاني كان يؤمن بان الطائفية ,مسيحية كانت ام اسلامية , سوف تلعب دورا مضرا في المجتمع اللبناني . فالطائفية تحمل في طياتها وزر الخصائص المتعلقة بثقافة قديمة يمكن اذا ما دخلت في السياسة ان نوقف الحضارة في البلد ,كما ان التعصب الطائفي سوف يؤدي بالمحافظين الى الاعتماد على الطائفية لتثبيت العادات القديمة فيما يتعلق بالعائلة وبحقوق المرأة وبالتفاعل في المجتمع . وقد تبين بعد ثلاثة عقود صوابية نظرة سعيد البستاني
غيز ان المعارضين للتعريب كان امامهم وعلى حدودهم مثل الجامعات السورية والمصرية التي كانت شهاداتها تفتقر الى التقدير والثقة في العالم . وبهذا اصبحت مهمة محاربة تعريب التعليم اسهل بالنسبة لهم.
صحيح ان الشهادة مهما كانت عالية تبقى غير مكتملة اذا ما اخذت بغير لغة البلد فالنظام التعليمي اللبناني الذي يتفوق بكثير عن الانظمة العربية المحيطة به سبب خوفا كبيرا لسعيد
البستاني بان تخضع المؤسسة السياسية للضغوط وتقر التعريب . فجابه المشروع بمحاضرات ومقابلات تلفزيونية , وكسب الرهان في هذا المشروع الوطني بامتياز . فبالنسبة لدولة ذات ثقافات متعددة اللغات كلبنان ,القيام بترجمة المعلومات الى العربية وتعريب جميع المستندات ونوحيد المصطلحات , لم يكن يثير حماسة سعيد البستاني وكان يعتبره سخيفا . فتوظيف جيش من المترجمين لاسباب ايديولوجية كانت بالنسبة له عمل سخيف
ان سياسة التعريب هذه كان يعتبرها سعيد البستاني من الاخطاء الكبيرة التي تهدد النظام التعليمي اللبناني . فقاوم لسنوات هذا الاتجاه وانتهى به الامر الى كسب هذه المعركة